هل إبليس من الملائكة أَم من الشياطين؟ سؤال تكرر كثيرًا عن إبليس، فهو يعتبر في الدين الإسلامي من أكبر الشياطين وأخبثهم، أي أنه كان جن عابد ومطيع لأوامر اللّه، ولأنه كان مؤمنًا رفعه اللّه للسماء العليا وكرمه لطاعته وعبادته، ولكن كيف أصبح إبليس أكبر عدو لبني البشر؟ وكيف كان سبب في خروج آدم وحواء منها .
إبليس من الملائكة
- ورد عن عصيان إبليس للّه – جل وعلا – حين رفض أن يسجد لآدم في القرآن الكريم “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إبليس كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ” سورة الكهف، الآية
- فأصبح من بعدها أكبر عدو للإنسان وغضب الله تعالى عليه، حيث جاء عنه في القرآن “إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ” سورة فاطر، الآية
- أيضًا هو من وسوس لآدم وحواء لكي يأكلوا من الشجرة المحرّمة وكان سبب إخراجهم من نعيم الجنة، وغضب الله عليهم وأمر بأن يهبطا إلى الأرض.
- حيث جاء عنه أيضًا في سورة الأعراف “فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ” الآية
- إبليس من الجن والجن يرون بنى آدم في كل وقت وحين، غير أن الإنس ليس لهم المقدرة على أن يرون الجن، وقد جاء في قول الله تعالى في سورة الأعراف.
- “يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ” الآية 27.
خَلق إبليس وتكبره وعصيانه لله
- كان معشر الجن يعيشون في الأرض قبل أن يسكنها آدم وذريته، وكان إبليس من ضمن العشيرة.
- ولكنه كان يعبد الله ويطيعه ولا يطيع عشيرته في فسادهم في الأرض، وحين أهلكهم الله رُفع إبليس لعرش الرحمن مع الملائكة.
- إذًا إبليس من الملائكة؟ لا ليس كذلك، فأصله من بني الجن، أي أنه جني من الشياطين.
- لقد خَلق إبليس من النار كسائر الجن، وكان الجميع ملائكة وجن يعبدون الله، وكانوا سواسية عند الله حتى أنه أمرهم جميعًا أن يسجدوا لآدم فأطاعوا الله جميعًا ما عدا إبليس.
- كما قال الله في كتابه في سورة البقرة “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إبليس أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” الآية 34.
- وبرر إبليس وقتها عصيانه واستكباره بقوله “أنا خير منه، خلقتني مِن نارٍ وخلقته من طين”، فلعنه الله وطرده من جنته.
- فقام إبليس وطلب من الله متبجحًا أن يعطيه وقته لكي يثبت له أن بني آدم لا يستحقون رحمة الله ويثبت لله كلامه بأنه خيرًا من البشر وأنه سوف يغوي آدم وذريته إلي يوم يُبعثون.
وعد إبليس للَّه تعالى
لما طلب إبليس هذا الطلب من الله – عز وجل – ووقف أمام أمر الله وتحداه في أن ينتظر إلي يوم القيامة ووعد وتحدى أنه سيغوي جميع بني آدم وأنهم سوف يعصون الله، طرده الله من رحمته ولعنه، كما قال في سورة الحجر:
- “وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِين، قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ”. الآيات (35:39).
ويذكر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “أن إبليس حي إلي يوم الدين وعرشه موجود تحت البحر ويوميًا ما يأتي بذريته ليَغْويَن بني آدم، قال ابن كثير:
- إبليس لعنه الله حَي منظر إلى يوم القيامة بنص القرآن.
- وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “عرش إبليس في البحر يبعث سراياه كل يوم يفتنون الناس وأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنةٌ للناس”.
وسوسة إبليس لآدم أخرجته من الجنة
نحتار ونتساءل كيف دخل الجنة وخرج منها وأغوى آدم ثم طرده الله من رحمته، هل إبليس من الملائكة، لنفكر قليلًا فالملائكة لا تخطيء ومعصومين عن الكفر والخطأ.
وعلى صعيد آخر ننظر إلى الجن فهو غير معصوم من الخطأ، وقد ظهر أصل إبليس حين امتُحن في إيمانه وعصي أمر الله ولم يسجد لآدم، فهذا دليل على أن إبليس ليس من الملائكة ولكن كان يتعبد لله مثل الملائكة.
وحين طُرد من رحمة الله عزم على أن ينفذ انتقامه من سيدنا آدم عليه السلام وإخراجه من الجنة من خلال الخطوات التالية:
- بدأ إبليس أن يشكك سيدنا آدم ويقنعه بأن هناك طريق لأن يكون خالدًا.
- كثرة الوسوسة لسيدنا آدم جعلته يشعر بأن الأمر حقيقي لدرجة أنه بدأ يسأل إبليس عن ما يقوم به ليصبح خالدًا في هذه الجنة.
- هنا تم مراد إبليس فأشار إلى ما حرم الله وحذر منه، فبدأ آدم يشعر بالقلق لأن الله قد شدد عليه.
- ولكن لأن آدم كان صادقًا صدَّق حلف إبليس بالله، حيث حلف له إبليس يمين خادع أن كلامه عن الشجرة حق وأنه مشفق عليه وناصحًا له.
- وقع آدم في شركه حيث ظن إبليس من الملائكة ونسي تحذير الله له من أن يقرب الشجرة ومن إبليس وبدأ آدم وحواء الأكل من الشجرة المحرمة فظهرت لهم عوراتهما وأخرجهما الله من جنته.
- وهنا حقق إبليس انتقامه من سيدنا آدم ومنذ ذلك الوقت هو متوعد للبشرية بأن يغوينهم جميعًا.
مداخل إبليس لإغواء ذرية آدم
عن ابن القيم، عندما سُئل هل إبليس من الملائكة أم لا، وما مداخل إبليس لإغواء بني آدم وإيقاعهم في شر أعمالهم مع الله، قال: إن له عدة مداخل منها:
- يحاول دون أن يكل ولا يمل أن يجعل الإنسان مشرك وكافر بمن خلقه.
- ثم يدخل علي الإنسان بالبدعة، أي أنه يجعله يبتدع أمر مخالف لتعاليم ربه و يصدقه ويطبقه.
- إن فشل في المرحلة السابقة يزين له كبائر المعاصي، فإن قام بها فرح وإن كان معصوم من الله دخل له مدخل آخر.
- يلعب إبليس في هذا المدخل على صغائر الذنوب، ويحاول ولا يمل وإن تجاوزه الإنسان وكان معصوم من الله فكر في طريقة أخرى.
- يلجأ أن يُشْغِله بتضييع كل وقته في الأمور المباحة فينشغل عن الصلاة والذكر.
- يجعله ينشغل في الأعمال المفضلة عن الأعمال الأفضل إلى الله، مثل تفضيل المذاكرة على الصلاة والعمل عن ذكر الله، تمامًا مثلما أغوى آدم عن طاعة أوامر الله بفعل أمر يتمناه وهو الخلود.
- ويقول هكذا هو وعد الله بأن يجعلنا نقع في الشر، إذًا ليس إبليس من الملائكة لا يوجد مَلَك خلقه الله إلا للطاعة والله وعد بأنه سيغفر لنا ما دمنا نستغفره.
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال “قال صلى الله عليه وسلم: قال إبليس :يا رب وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فرد الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني”.
إذًا قد أجبنا على إن كان إبليس من الملائكة أم لا حيث أنه ليس ملاكًا من الأساس كما ذكرنا، ويعتقد بأن إبليس يستطيع أن يأتي في هيئة إنسان أو حيوان، وقد جاء عن أبي هريرة “أنه ألقى القبض على رجل وهو يسرق الطعام، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إنه شيطان”.