تعرف على قصة نوح عليه السلام ، حيث أراد الله سبحانه وتعالى أن يقص علينا قصص الأنبياء والرسل من خلال القرآن الكريم لنستخلص منها الموعظة الحسنة ونفهم منها الحكم الجليلة المتواجدة بها لننعم بحياة رائعة بالقرب من الله، لذا يجب على كل مسلم أن يتعرف على قصص الأنبياء ويعرف تفاصيلها، وفيما يلي سنتعرف على من هو رسول الله نوح وما هي قصته.
نوح عليه السلام
نوح هو أول رسول من الله سبحانه وتعالي إلى أهل الأرض، وقد كان من نسل سيدنا إدريس بن شيث بن آدم عليه السلام أول خلق الله.
كما أنه من ضمن أولي العزم من الرسل لما رآه من معاناه ومشقة أثناء قيامه بدعوة قومه للإيمان بالله وحده وترك عبادة ما دونه.
حيث ظل يدعو قومه إلى وحدانية الله تعالى وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وإستمر يدعوهم إلى الحق لسنوات طوال وكانت مدتها ألف سنة إلا خمسين، وهذا ما ورد في سورة العنكبوت في قوله تعالى:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)}
كما بعث نوح عليه السلام لقوم تأثرت طباعهم بتأثير البيئة التي كانوا يعيشون بها، حيث كانوا يعيشون في أراضي صحراوية مشمسة وجافة وكانت بالقرب من مصر.
فقد كانوا قوما يطغون في الكفر ويصرون على عنادهم وإتباعهم لضلالات الشيطان وخطواته، وكان ذلك يزيد من إصرار وعزيمة سيدنا نوح عليه السلام على توصيل رسالة الله وتوحيده وحده دون شريك له.
وأثناء تلك السنوات الطويلة لم يؤمن بالله تعالى سوى القليل وكانوا من الفقراء والضعفاء، حيث كان أغنياء القوم يعاندون ويجادلون مع سيدنا نوح ويكذبونه.
من هم قوم نوح عليه السلام
هم قوم يدعون في قديم الزمان ببنو راسب، وقد عرف عنهم الكفر وتميزوا عن غيرهم بالجحود والطغيان وعبادة الأصنام والأوثان، وقد جاء ذكر أسماء أصنامهم في قوله تعالى:
{وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}
وتلك الأسماء كانت لرجال صالحين من قبلهم وقد وسوس لهم الشيطان ببناء وصناعة تماثيل لهؤلاء الرجال الصالحين لتمجيدهم وتعظيمهم.
ومع مرور الوقت وتعاقب الأجيال أصبحوا يعبدون تلك التماثيل والأصنام من دون الله تعالى، ولذلك بعث الله رسوله نوح “عليه السلام” ليخلصهم من الظلمات ويرشدهم إلى النور.
وما رأى منهم إلا الطغيان والإستهزاء بدعوته وتكذيبه في كل ما يقول، وعندما كان يدعوهم كانوا يضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يستمعون إليه وعندما بدأ أن يدعوهم إلى وحدانية الله بالإشارة، كانوا يغشون وجوههم بثيابهم حتى لا يروه وينفروا منه.
وهذا ما ورد في القرآن الكريم في سورة نوح على لسان سيدنا نوح عليه السلام:
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)}
دعوة سيدنا نوح بين السر والعلانية
كانت دعوة سيدنا نوح لقومه سرا لفترة طويلة من الزمن في بداية الأمر، وقد آمن بدعوته إلى توحيد الله القليل من الضعفاء والفقراء، وكان أغلب الناس يكذبونه ولا يصدقونه ويتبعون ما إتبع أبائهم.
حتى قام بدعوة قومه جهرا في العلانية وكان يرهبهم من الشرك بالله ويرغبهم في الإيمان به ويوعدهم بالرزق الوفير في المال والأبناء والقوة إن تابوا وأصلحوا وآمنوا بالله وحده وهذا ما ذكر في كتاب الله تعالي في قوله:
{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)}
وقد كفر آل بيت سيدنا نوح عليه السلام بدعوته وكذبوه، بل إستهزأت زوجته بدعوته ونفرت منه وإنضمت إلى الكفار ضده.
رغم أن رابطة الزواج تحتم عليها الوقوف بجانب زوجها ودعمه وعدم التخلي عنه كما فعلت السيدة خديجة “رضي الله عنها” مع رسول الله “صل الله عليه وسلم”.
وكان جزاء زوجة نوح وزوجة لوط عليهما السلام الخلود في النار لما فعلاه مع أزواجهن من عناد وكفر بالدعوة، وهذا ما أوضحته تلك الآيات الشريفة:
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)}
وكان من ضمن أبناءه من لم يؤمن بالله تعالى ولم يصدق دعوة أبيه وإتبع طريق الكافرين، وهم ما أحزن سيدنا نوح “عليه السلام” حزنا كبيرا.
ولما تيقن نوح “عليه السلام” منهم الكفر والعناد، دعا على قومه بالهلاك والإبادة وهذا ما أشارت إليه الآيات الكريمة:
{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)}
مظاهر إستجابة دعاء نوح عليه السلام
قد إستجاب الله تعالى إلى دعاء نوح “عليه السلام” وحكم بهلاك قومه، وأمره ببناء سفينة كبيرة يأوي عليها زوجين إثنين من كل مخلوقات الله من النباتات والحيوانات ومن آمن معه من أهله ومن قومه.
وكان الكافرين من قومه يسخرون منه عندما يمرون عليه وهو يبني تلك السفينة وهم يعيشون في أراضي صحراوية، ولم يروا قدوم عذاب الله لهم.
ولما أتم سيدنا نوح بناء السفينة وصعد على متنها هو ومن آمن معه، أمر الله السماء بهبوط أمطار غزيرة جدا وأمر الأرض بأن تفجر عيونها حتى أصبح طوفان كبير غمر كل الظالمين.
وكان “يام” إبن نوح عليه السلام من الكافرين الذين رفضوا ركوب السفينة معه، وفضل أن يصعد على جبل ليعصمه من الغرق، وهذا ما نزلت فيه الآيات الكريمة:
{قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)}
وبعد إنتهاء الطوفان وهو معجزة سيدنا نوح، هبطت سفينة نوح على ظهر جبل الدودي المتواجد بأرض الجزيرة، وكان عليها ثمانين رجلا يتكلمون بلغات مختلفة وكان رسول الله نوح يعبر عنهم.
وبسبب هلاك جميع من في الأرض بسبب الطوفان، فإن جميع من على وجه الأرض من البشر ينتسبون إلى أولاد نوح الثلاثة وهم سام وحام ويافث.
وقد ورد عن رسول الله “صل الله عليه وسلم” أنه قال:
{إن النبي نوحا لما حضرته الوفاة قال لإبنه إني قاص عليك الوصية آمرك بإثنتين وأنهاك عن إثنتين، آمرك بلا إله إلا الله، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشر والكبر}.
بذلك نكون قد أوضحنا قصة نوح “عليه السلام”، وتعرفنا على طبيعة قومه وكيف دعاهم رسول الله نوح إلى وحدانية الله تعالى، وكم كانت مدة دعوة سيدنا نوح لقومه، وتعرفنا أيضا على معجزته وإستجابة الله تعالى لدعائه.